رأي في بعض ما يحدث بأمريكا : شدني هذا التعليق الساخر للصديقة Raja Rejeb لطرافة صدقه وعمق دلالته. اكتفت فيه بهذه العبارة القصيرة: "أخوا...
شدني هذا التعليق الساخر للصديقة Raja Rejeb لطرافة صدقه وعمق دلالته. اكتفت فيه بهذه العبارة القصيرة:
"أخواتنا الامريكيين 🇺🇸 ما تغلطوش كيفنا في 2011 .. إلّي يهز تلفزة 🖥 ما ينساش الكوموند .."
------------------
ترد علينا صور ومقاطع فيديوهات من امريكا تعرض تحركات جموع من المواطنين احتجاجا على الحادث العنصري الذي حصل في الأيام القليلة الماضية. تعرض لنا عمليات نهب المحلات التجارية وحرق بعض السيارات والمنشآت. ذكرتني هذه الصور والمقاطع بسخرية "الشعوب المتحضرة" من "شعوبنا المتخلفة" ايام اجتياح "المتحضرين" للعراق بدباباتهم وعتادهم وأيام الانتفاضات التي حصلت بمصر وليبيا وتونس وغيرها من البلدان العربية... كنا "وحوشا" وجموعا من اللصوص في عيونهم... هم لا يعترفون إلا "بلصوصية مهذبة" وغزو من أجل إرساء "ديمقراطية طيعة" تنظم حياة شعب بعد أن يجري تقتيله وتحطيم كل شروط حياته... تثبت هذه الصور أن الشعوب لا تصنف إلى "متوحشين" و"متحضرين" وأن "التوحش" ليس صفة يختص بها شعب دون آخر. تثبت هذه الصور أن التصنيف الأكثر وجاهة هو تصنيف الناس إلى مقهورين وقاهرين وإلى مظلومين وظالمين... وأن التمدن الحق والتحضر الراقي يكمنان في مقاومة الظلم والقهر والحد من الشروط التي تنتجهما في الداخل كما في الخارج.... إن التميز الذي يهبه اللون أو الجنس أو الدين أو العرق لبعض الأشخاص أو الجماعات تميز واهم لا يترتب عليه غير الإغتراب والحفد والعنف ولا يرفع بالإنسان بل يحطه...
تثبت هذه الصور أيضا الطابع الشرس للسلطة، ولكل سلطة وفي اي دولة، حين تشعر بأمر ما يهدد كيانها ويمس نفوذها أو يحد منه ولا تتحرج أبدا في الدفاع عن نفسها بكل الوسائل... وكما تعمل على فرض "الانضباط" تعمل أيضا على أن يكون هذا الفرض موجعا ومؤلما لغير المنضبطين المتمردين... إن إحداث الألم في أجساد المتمردين وبث الرعب في نفوسهم لا نختص بهما سلطة دون أخرى ولا تتورع أية سلطة عن توسل الأسلوب الأكثر إيلاما وإرعابا ولا ترى في احتكارها لتلك الوسائل حيفا يسمها بالهمجية والتوحش، وذاك عيبها الأكبر...
نرى السلطة تنتفض كلما انتفض ضحاياها.... سبق أن حصل هذا بفرنسا وغيرها ويحدث الآن بأمريكا بكامل العنف والأذية. وسيتحمل الفقراء والمهمشون وطلاب الحرية والكرامة وقدرا أكبر من العدالة أعباء مصلحة الطغاة.
إننا لا نحتكر "الهمجية" ولا نحتكر "الطغيان".. تتقاسم شعوب العالم ضيم طغاتها.
التعليقات