قيس سعيد الذي باغت الداخل والخارج بإصراره وعزمه على لعب دوره غير منقوص كرئيس وحيد للبلاد في إطار تأويل للدستور حطّم الأصفاد التي حبست بها النهضة سلفه
عبد الرزاق ابن تونس ...: بين تكليف المشيشي باليد اليمنى وعرقلته بالرجل اليسرى يقف قيس سعيد متحكما في خيوط اللعبة
يتطلع التونسيون بين يأس أرهق نفوسهم وبارقة أمل تتسلل كالسراب إلى أُفُقِهم لمتابعة أخبار تشكيل حكومة المشيشي وسط تعالي الأصوات واختلاف التأويلات وتسابق أحزاب إقتسام الغنيمة والمتمعشون من فتات موائدهم لبث الخوف وزرع الرعب ورفع منسوب التوتر والحيرة واليأس لدى التونسيين من سيناريو سقوطها وكأنهم قادمون من كوكب بعيد لم يعايشوا فيه الواقع المرير لعشرية سوداء تعطبت فيها كل محركات التنمية وتعطلت خلالها مختلف الرافعات الإقتصادية والإجتماعية وفقدت فيها البلاد مقومات مناعتها السيادية بعد أن خارت قواها تحت وطأة تبديد مدخراتها واستنزاف مقدراتها وضراوة طعنات الخيانة التي ألقت بها فريسة سائغة بين فكّي بين صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية
المشيشي لا يمتلك مصباح علاء الدين السحري لكي يطلب من المارد إعادة عجلة الإقتصاد إلى الدوران ونفخ الروح في نسبة النمو التي توارت تحت الأنقاض وفتح نوافذ الأمل أمام الشباب وإعادة الطمأنينة إلى الأجراء والمتقاعدين والأرامل والأيتام في ضمان الدولة صرف رواتبهم وجراياتهم في قادم الشهور والأعوام
وبالتالي، تمر الحكومة أو لا تمر، مع أن الأرجح وأنها ستمر بتاريخ"الفاتح من سبتمبر" يوم الجلسة العامة تحت قبة البرلمان فإنه لن يتغير من حال البلاد والعباد شيئا يذكر طالما تواصل التعامل مع ورم تفكك الدولة بالتدليك والتمسيد...
تغيير نظام الحكم وتعديل القانون الإنتخابي وتنظيم الحياة السياسية بتجميع السلطة التنفيذية في مركز نفوذ واحد يخضع للتقييم والمحاسبة هو الدواء وهو جوهر المعركة التي تدور بين قيس سعيد ومنظومة الإسلام السياسي بزعامة راشد الغنوشي ، ومناورات تشكيل الحكومة لا تخرج عن آليات هذا الصراع وأدواته
قيس سعيد الذي باغت الداخل والخارج بإصراره وعزمه على لعب دوره غير منقوص كرئيس وحيد للبلاد في إطار تأويل للدستور حطّم الأصفاد التي حبست بها النهضة سلفه الراحل الباجي قائد السبسي وتمكن في أشهر معدودات من التحكم في مسار الحكومة لن يضيره أن تسقط حكومة المشيشي وأن تبقى حكومة الفخفاخ لتصريف الأعمال لأنه ضمن مسبقا وفي كلتا الحالتين وضع يديه على السلطة التنفيذية والتحكم في مسار الحياة السياسية إما بحل البرلمان أو بالإبقاء على تركيبته الفسيفسائية صاغرة تحت سيف أوامره الرئاسية
الحكمة تفرض على القوى التقدمية التي تعمل على إستعادة الدولة وتخليصها من براثن منظومة الإسلام السياسي حسن إدارة المعركة بتحديد الهدف بدقة وعدم تشتيت سهامها وذلك بالإصطفاف وراء قيس سعيد في مواجهته المعلنة مع راشد الغنوشي لمزيد حشره بين فكي كماشة رئيس الجمهورية ورئيسة الحزب الدستوري عبير موسي ..
قيس سعيد الغامض والمحير يبقى وباعتماد الظاهر الإستثناء الجميل داخل منظومة الحكم في عشرية الرداءة والفساد