ليس الإرهاب مجرد عملية قتل شنيع... إنه كومة من الأفكار والقواعد والسلوكات، له رموز تدل عليه ورؤوس تديره وأحزاب تحتضنه وأشخاص يبررونه ويبيضونه، وفضاءات
مشروع واحد للإرهابيين: "القتل المقدس". حين ننبه لخطورة الإسلام السياسي فذلك لأن التاريخ يشهد بأن اقتران الدين بالسياسة كان دوما اقترانا عنيفا ومميتا ومخربا للأوطان. من يعتبر الوطن "حفنة من تراب" لا يعيبه أن يحوله إلى "حفنة من رماد"...
إن جريمة يوم أمس استعادة لجرائم عديدة عرفتها تونس قبل سنة 2011 وبعدها، في زمن الاستبداد كما في زمن الديمقراطية. لم يحسم بعد مجتمعنا مسألة "مدنية الدولة" ويجد خصومها التأويلات التي يتواصل معها الخلط بين الدين والسياسة حتى أصبح التكفير لا يحرج مجلس نواب الشعب باعتباره وجهة نظر وقولا ممكنا في السياسة وإدارة الشأن العام...
إثر كل عملية إرهابية نتألم وندد ونترحم وننشر الصور وندفن ضحايانا بالدمع والعلم وننشغل بالحدث إلى حين ثم نعود إلى حياتنا الطبيعية وتواصل أجهزتنا الأمنية خوض معركتها ونتركها تواجه الأشرار وتتقبل طعناتهم وننسى أن المعركة السياسية والثقافية والتربوية هي أم المعارك وأننا دون ما يبذله الأمنيون من جهد وتضحيات...
ليس الإرهاب مجرد عملية قتل شنيع... إنه كومة من الأفكار والقواعد والسلوكات، له رموز تدل عليه ورؤوس تديره وأحزاب تحتضنه وأشخاص يبررونه ويبيضونه، وفضاءات التدرب عليه، وتقنيات تجمله وتحث عليه، وجهل يحركه، وتراث فكري يسنده، وأوهام سماوية تقدسه، وأموال تنفق في سبيله بلا حساب، ومخاضن تفرخه، وقنوات تؤطره، ونواب في البرلمان يدافعون عنه، وتجارة تموله، واغراءات تحفز عليه، وأوضاع تدفع إليه، وتنظيمات محلية وجهوية ووطنية وعالمية ترتب أموره، ...
الإرهاب موت للعقول والضمائر، يقتات من صمتنا عليه ويكبر بانتهازيتنا ويتمدد بتخاذلنا ويستفيد من حساباتنا ويتغذى بتحالفاتنا...
الإرهاب ليس قدرا... الإرهاب يستهدف تخريب هذا الوطن بتخريب ضمائر ابنائه وعقولهم وآمالهم وأحلامهم. وإذا كانت المعركة الحقة ضده معركة تربوية تعليمية وثقافية واجتماعية فإنها اليوم معركة سياسية وأمنية وقضائية وإعلامية.
Adel Haddad